تناولت الأوساط السياسية الإقليمية والدولية ما تناقلته وسائل الإعلام حول البيان الصادر من قادة القوات المسلحة المصرية عن عدم ممانعتهم من ترشيح وزير الدفاع الذي رقيٌ إلى رتبة مشير بقرار وأمر شخصي منه إلى الرئيس المغلوب على أمره المستشار عدلي منصور ،
بينما نجد أن الرؤساء السابقين العسكريين مثل حسني مبارك وأنور السادات وجمال عبد الناصر لم يكونوا برتبة مشير، ليصلوا إلى كرسي الرئاسة ، حيث نستدرك الأمر جيدآ الدور النفسي في حب العظمة هي التي جعلت الوزير أن يعطي لنفسه حق ممارسة السلطة الرئاسية وهو على كرسي الدفاع ، ثم علينا أن نعي في ذلك السياق أن هناك مكافأة له جزاء لإحسانه عما اقترفته يداه ، إذا ما نجح الانقلاب ضد الشرعية ، فـ الرئاسة في طريقها إليه ليصبح رئيسآ رغم عن أنف الجميع!!!
ولا نستغرب مطلقآ ما أشار إليه القادة العسكريين عن عدم ممانعتهم لترشح السيسي للانتخابات الرئاسية التي رسمت لها من قبل الصهاينة والغطاء الأمريكي والدعم المادي والسمع والطاعة من قبل بعض دول الخليج ( أ ل ع ر ب ي ) فـ الغريب في أمر ذلك البيان المضحك من القادة العسكريين الذين ذكروا بيانهم المصحوب بالموسيقى الكلاسيكية أنهم يتطلعوا باحترام بالغ وإجلال دامغ لرغبة الشعب المصري في ترشيح السيسي للرئاسة الجمهورية ، معتبرين أن الإرادة العليا لجماهير الشعب هي الأمر المطاع والواجب ، وما يضحكنا أكثر وأكثر ما قاله السيسي بنفسه ، بأنه يقدر ثقة الشعب فيه ،
ويفترض أن يلبي ندأ الاستجابة لرئاسة البلاد ، دعونا نعود للخلف قليلا أي بعد الانقلاب حينما ذكر المشير مقولته الشهيرة التي دوما ما يرددها عبر القنوات الفضائية الحكومية والمأجورة... لن أترشح للرئاسة ، ولن أسمح للتاريخ أن يكتب بأن الجيش المصري تحرك من أجل مصالح شخصية ــ معاذ الله أيها المشير أن نشك في نواياك أو أن لا نحسن الظن فيما جاء من أقوال وأفعال ، فهل لنا غير الدعاء ليستجيب الله منا السؤال!!! علينا أن نقر بأن مصــر دخلت اليوم نفقا مظلما ،
فشباب يناير طالبوا بانتخابات رئاسية مبكرة وليس بانقلاب عسكري على الرئيسي المنتخب محمد مرسي وشرعيته وفق الدستور والديمقراطية ومن ثم ترشيح للقائد الهمام ليصبح رئيسآ للبلاد ، نحن نجد اليوم بأن الشرعية في مواجهة حكم العسكر أصبحت هي الصراع القائم في البلاد!!! ولا سبيل لتحقيق قوة الدولة واستقرارها إلا بتضامن الشعب مع كافة مؤسساتها ، ف الديمقراطية وانتخاب الرئيس لا يكون (كـ فرض عين)! يجـب ان تعاد الشرعية المغتصبة لكي يتحقق العدالة وفرض القانون واحترام مواده ، وتجنب البلاد صراعات هي في غنى عنها! إن حـب الوطن هو انتماء حقيقي يتجلى في العمل على رفعته وتقدمه بإخلاص وتفان دون انتظار مكافأة على ذلك العمل ، فـ ممارسة القمع وفرض الرأي وبسط يد الظلم والاستبداد لأن السلطة والقوة بأيدينا لن تجلب لنا غير الخزي والعار!!!! إن من يقدم مصلحته الشخصية الخاصة ، على مصلحة وطنه أو مصالح مجتمعه ،
لم يتلق تربية وطنية تعصمه من هذا العقوق في حق الوطن وشعبه ، فـ ممارسة الضغوطات على أبنائه وقتلهم ودحرهم بما لدينا من وسائل توصلنا إلى أهدافنا وطموحاتنا وإشباع أنفسنا المريضة بداء العظمة!!! لهو دليل واضح عما نعاني منه داخل أنفسنا ، فـ الانتماء للوطن يمكن أن يتحقق في أجمل صوره وأروع معانيه ، حينما نحافظ على وحدته وترابه واحترام دستوره وإطاعة ولي الأمر فيه للنهوض بالوطن والارتقاء به إلى أعلى المراتب!
فالحقيقة التي لا يستدركها الكثيرون تتمثل بأن رئاسة السيسي للسلطة لن يكون عهدآ أفضل من عهد مبارك وظلمه! وأتوقع بأنه سيكون الأسوأ على الإطلاق ، فلن تستقر البلاد في هذا العهد وسوف تزداد الصدامات بين الجيش الذي أتوقع أن يقوده الفريق صدقي صبحي رئيس الأركان ، وهو يجد نفسه في مأزق بين حماية نظام رئيسه أو حماية الشعب من بطش فريقه ، ثمة أراء لتلك الأمور التي تمر بها مصر اليوم ،
ناهيك عن الوضع الاقتصادي السيئ وتدهور الجنيه مقابل الصرف الأجنبي ، وانخفاض في الصادرات وتوقف الكثير من الأعمال ، فـ الوضع لا يطمئن بخير ولست متفائل أنا وغيري عن إصلاح الوطن بدون أن يكون هنالك أدوات لانتشاله من المأزق الذي وضع فيه!!! إن ما يحدث في مصــر هو عبارة عن محطة من الصراع المدني والعسكري ، فـ اللعبة السياسية ومسرحية المشير والترشيح الرئاسي سوف يحذوها صراعات دموية بين الشعب والسلطة الغير شرعية! فمن المتوقع أن يكون هنالك إنفجارآ شبابيآ لإعادة السلطة المدنية وفق الدستور والديمقراطية والله الموفق ـ الشريف...